مثالية السعادة لدى الکلبية

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

إدارة الدراسات العليا - کلية الآداب - جامعة سوهاج

المستخلص

کانت الکلبية على يقين من أن سقراط توقف عند نقطة ما کان له أن يتوقف عندها، بل کان يتعين عليه أن يمضي إلى نهاية الطريق، لکنه للأسف لم يفعل، لقد قال إن الفضيلة معرفة، ولکنه توقف هنا ولم يحدد لنا طبيعة ولا نوع هذه المعرفة. هناک حلقة مفقودة عند سقراط: قال إن الفضيلة هي الغاية الوحيدة في الحياة، فما هي الفضيلة بالضبط؟ لم يقدم سقراط إجابة شافية هنا؛ لأن التعريف الذي قدمه هو أن الفضيلة هي المعرفة، ولکن عند التمعن في هذا القول نجد أنه ليس تعريفًا للفضيلة على الإطلاق، الفضيلة هي المعرفة، ولکن معرفة بماذا؟ معرفة بالفضيلة، ومن ثم ننتهي إلى أن الفضيلة لدى سقراط هي معرفة بالفضيلة, حيث أصبحت مهمة الفيلسوف الکلبي تزويدنا بمعايير للحياة السعيدة، لکن الکلبية رغم کونها فلسفة ثورية لم تکن فلسفة صدامية تحاول تغيير الواقع المؤلم بالعنف والقوة، بل کانت فلسفة سلبية انسحابية، فقدت الأمل في الإصلاح الخارجي للواقع، فجعلت همها الأکبر في إصلاح الفرد من الداخل. کانت حرکة تقهقر المرء إلى ذاته يبحث داخلها عن الأمان المفقود في الخارج، فمع ضياع الحريات الفردية في هذا العصر المضطرب، أصبحت الغيبة عن الحياة الواقعية والسلبية واللامبالاة من أهم خصائص الحياة الفکرية في هذا العصر؛ لذا جعلت الکلبية مثلها الأعلى للسعادة في الانسحاب الکامل من الحياة، وتقوقع الإنسان على نفسه، وسعيه إلى البحث عن السعادة في داخله، من خلال البعد عن کل ما ينغص عليه هدوءه النفسي واستقلاله العقلي. لقد کان الکلبيون من أزهد زهاد هذا العصر، لا يکترثون لشيء، ولا يطلبون شيئًا، ولا يملکون شيئًا.

الكلمات الرئيسية