بين ألإيقاع والدلالة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

کلية الاداب بقنا

المستخلص

فَدِرَاسَةَ اَلْإِيقَاعِ فِي اَلشِّعْرِ اَلْعَرَبِيِّ لَا تَقْتَصِرُ _ فَقَطْ _ عَلَى اَلْوَزْنِ اَلَّذِي يَقُومُ – فِي أَسَاسِهِ - عَلَى تَنَاسُبِ اَلْمَسَافَةِ بَيْنَ اَلْحَرَکَةِ وَالسُّکُونِ، وَتَنَاسُبِ زَمَنِ نُطْقِ اَلْحُرُوفِ، وَتَتَابُعِهَا اَلْعَرُوضِيِّ فَحَسْب، إِنَّمَا يَمَسُّ اَلْجَوْهَرَ اَلْعَامَ لِلْقَصِيدَةِ، وَيَتَّصِلُ بِمُخْتَلِفِ مُقَوِّمَاتِهَا اَلشِّعْرِيَّةِ مِنْ لُغَةٍ، وَرَمْزٍ، وَصُورَةٍ، بَلْ يَتَعَدَّى دَوْرَهُ إِلَى مَا هُوَ أَکْبَرُ مِنْ ذَلِکَ، فَهُوَ اَلَّذِي يُنَظِّمُ اَلدَّوْرَ اَلْحَرَکِيَّ فِي اَلنَّصِّ اَلشِّعْرِيِّ مَا بَيْنَ اَلْمَعْنَى وَالذَّاتِ مِنْ نَاحِيَةٍ ، وَالْإِيقَاعِ مِنْ نَاحِيَةٍ أُخْرَى.
فَقَدْ کَانَتْ اَلْقَصِيدَةُ اَلْعَرَبِيَّةُ وَلَا زَالَتْ مُسَجَّلَةً لِمَآثِرِ اَلْعَرَبِ، مَنْظُومَةً بِطَرِيقَةٍ إِيقَاعِيَّةٍ يُسَهِّلُ حِفْظُهَا؛ وَمِنْ ثَمَّ تَدَاوُلِهَا بَيْنَ اَلنَّاسِ، وَلَکِنْ بَعْدَ أَنْ خَرَجَتْ مِنْ تَارِيخِيَّتِهَا وَتَدْوِينِهَا لِلْمَآثِرِ، وَآلَتْ إِلَى عَاطِفَةٍ تَفْرِضُ اَلْمَعْنَى فِي مَبْنَاهَا إِلَى مَا تُرِيدُ، وَأَصْبَحَ لِلتَّارِيخِ وَالْأَحْدَاثِ لِسَانٌ غَيْرَ لِسَانِ اَلشِّعْرِ، فَخَرَجَتْ اَلْقَصِيدَةُ اَلْعَرَبِيَّةُ مِنْ قَيْدِ اَلْمَعْنَى إِلَى اَلْمَبْنَى اَلَّذِي يَخْتَارُ مَا شَاءَ مِنْ مَعَانٍ؛ لِخِدْمَةِ اَلشِّعْرِ فَقَطْ.
فَالنِّظَامُ اَلْإِيقَاعِيُّ هُوَ اَلَّذِي يَرْسُمُ مَعَالِمَ اَلصُّورَةِ اَلَّتِي يَتَغَنَّى بِهَا اَلْخِطَابُ اَلشِّعْرِيُّ ، فَإِذَا خَلَا ذَلِکَ اَلْخِطَابِ مِنْ اَلْإِيقَاعِ “ ذَهَبَ مَاؤُهُ، وَسَقَطَ مَوْضِعُ اَلتَّعَجُّبِ، وَالِاهْتِمَامُ بِعُنْصُرِ اَلْإِيقَاعِ اَلشِّعْرِيِّ، وَالْإِلْحَاحُ عَلَى حَتْمِيَّةِ اَلِاقْتِرَانِ بَيْنَهُمَا فِي اَلذَّوْقِ اَلْعَرَبِيِّ، فَنَجِدُ اَلْإِيقَاعَ تَجَاوَزَ فِي بُعْدِهِ اَلزَّمَنِيِّ حُدُودَ اَلشِّعْرِ، يَقُولَ اَلْجَاحِظُ " کَانَتْ اَلْعَرَبُ فِي جَاهِلِيَّتِهَا تَحْتَالُ فِي تَخْلِيدِهَا بِأَنْ تَعْتَمِدُ فِي ذَلِکَ عَلَى اَلشِّعْرِ اَلْمَوْزُونِ وَالْکَلَامِ اَلْمُقَفَّى، وَکَانَ ذَلِکَ هُوَ دِيوَانُهَا (1)، وَکَانَ اَلْعَرَبُ يُدْرِکُونَ هَذِهِ اَلْآصِرَةِ اَلْقَوِيَّةِ اَلَّتِي تَرْبُطُ بَيْنَ اَلْإِيقَاعِ وَالشِّعْرِ وَعَلَاقَتِهِمَا فِي تَوْجِيهِ اَلدَّلَالَةِ.

الكلمات الرئيسية