التشريع بين التدرج والنسخ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

كلية الآداب بجامعة سوهاج

المستخلص

إن من حسن تدبير الشرع أخذُ الناسِ على تؤدةٍ ومهل؛ لذا من أهم تلك السمات التي اتسمت بها الشريعة الإسلامية مبدأ التدرج في تشريع الأحكام، وينبع هذا من التدرجِ في نزول الآيات القرآنية نفسها، فقد نزل القرآن الكريم على النبيﷺ منجمًا مفرقًا على مدار ثلاثة وعشرين عامًا وفق الأحداث والأسباب، مراعيًا مصالح الناس، واحتياجاتهم، ولذلك فإن مبدأ التدرج في تشريع الأحكام، يعني تشريع الأحكام قِطعًا قِطعًا، حتى الوصول إلى الحكمِ النهائي، بشكل قاطع، ولكن هناك بعضُ التشريعاتِ يرفعُ حُكمها، ليحل محله حكمٌ آخر، وهذا هو النسخ، الذي يصاحبه حتمًا الناسخ والمنسوخ.
ولذا فإن النسخَ صورةٌ للتدرج، ولكن التدرج أعم من النسخ، فكل نسخ تدرج، وليس كل تدرج نسخ، فهناك أحكام صاحبها التدرج والنسخ معًا، مثل حكم تحريم الخمر، وهناك أحكام صاحبها التدرج فقط دون النسخ، مثل تشريع الجهاد، والإذن بالقتال بعد أن لم يكن؛ إذ كان الأمر بالصبر والتحمل.
هذا إلى جانب أحكام أخرى صاحبها التدرج عن طريق تأخر البيان إلى وقت الحاجة، حيث الحاجة لم تدع أولًا إلى تشريع جميع التفصيلات في الحكم، فبقي العمل به إلى وقت أن دعت الحاجة إلى تشريع جميع تفصيلاته، سواء كان ذلك من القرآن أو السنة، مثل تشريع الزكاة بمقاديرها وأنصبتها.

الكلمات الرئيسية