إن أشهر ما يمكن تقديمه بخصوص مشكلة الجسم عند أفلاطون هو كونه سجنًا للنفس يجب التخلص منه، أو شرًا يعيق النفس عن فعل الخير والفضائل، او هو عقبة تقف حائلاً أمام تحصيل المعارف، ولقد كانت محاورة فيدون لأفلاطون أكثر المحاورات التي تبنت هذه النظرة السلبية عن الجسم، كما حوت محاورات اخرى نظرة مشابهة عنه، لكن بالنظر إلى ما جاء عن أفلاطون من محاورات بشكل أكثر دقة يتضح أن للجسم عنده منظور مغاير يختلف عن كونه سجنًا أو شرًا مطلق، هذا المنظور يظهر فيه الجسم بمظهر إيجابي حسن، أي كون الجسم ليس سجنًا أو شرًا مطلق، وإنما باعتباره يلعب دورًا ما في تحصيل المعارف أو تحقيق الخير، او حتى كأداة للنفس في تحصيلها، أو على الاقل باعتباره لا يقف حائلاً ضد تحصيلها، وهذه النظرة تتضح أكثر ما يكون في محاورة القوانيين لأفلاطون وهي التي اُعتبرت أخر محاورة قدمها أفلاطون، وبين هاتين النظرتين يحاول هذا البحث التعرف على أي النظرتين أقرب للصواب عند أفلاطون.