استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي "التزييف العميق" في التضليل الإعلامي دراسة تحليلية لعينة من الفيديوهات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي

في ظل المشهد الإعلامي العالمي المتسارع الذي تشكله ثورة الاتصالات والمعلومات، تبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي كقوة مؤثرة غيرت من آليات إنتاج المحتوى الرقمي وتداوله، ويعد ظهور ظاهرة "التزييف العميق" (Deepfake) إحدى أبرز هذه التطورات، حيث أثارت تساؤلات عميقة حول حدود الواقع والحقيقة في الفضاء الرقمي، وتتجسد خطورة هذه الظاهرة في قدرتها على خلق محتوى مرئي وسمعي شديد الواقعية، يُنسب زوراً إلى أشخاص حقيقيين، مما يهدد بتقويض مصداقية المنصات الرقمية وتآكل الثقة العامة في المعلومات المتداولة، وتأتي هذه الدراسة لاستكشاف وتحليل هذه الظاهرة من منظور النخبة الإعلامية والأكاديمية والممارسة، بهدف فهم أبعادها المتعددة، وتداعياتها المحتملة، واستشراف مساراتها المستقبلية.
تمثل مصداقية المحتوى الرقمي على منصات التواصل الاجتماعي ركيزة أساسية لاستقرار المجتمع المعلوماتي، وعندما يواجه الجمهور محتوى مزيفاً يصعب تمييزه، فإن ذلك لا يزعزع ثقته في مصدر الخبر فحسب، بل يمتد ليشمل الثقة في المؤسسات والشخصيات العامة، لذا، بات من الضروري إجراء دراسات معمقة لا تكتفي برصد هذه الظاهرة، بل تسعى إلى تحليل آلياتها وتأثيراتها.
ويمثل هذا البحث ركيزة أساسية لفهم ظاهرة التزييف العميق من منظور تحليلي، حيث يهدف إلى الكشف عن الخصائص الجوهرية للمحتوى المُنتَج بتقنية التزييف العميق كما هو متداول فعلياً على منصات التواصل الاجتماعي، ومن خلال تطبيق منهجية تحليل المحتوى على عينة مُختارة من فيديوهات التزييف العميق، كما سيتسنى لنا فحص السمات التقنية وكذلك محتوى الفيديوهات بشكل منهجي وموضوعي، ويركز هذا التحليل على تحديد طبيعة الشخصيات المستهدفة، ودرجة التزييف، وأشكاله، والأهداف الكامنة وراء إنتاجه، بالإضافة إلى رصد العناصر المستخدمة في التزييف والمعايير التقنية التي يتمتع بها المحتوى، وصولاً إلى فهم أنماط التفاعل الجماهيري معه،